الأحد، 4 مايو 2014

ثلج الكاف الدافئ 

 ، بماذا يفيد هذا النّدم ؟ أو قل ماذا سيعوّض لي فقد كنت وحدك يومها  في مكتبك و كنت أتيت وحيدة، تعلّلت كذبا أنّ  شيئا مّا بيننا، كنت تمسك مسطرة معدنيّة فضّية اللون أظنها من الأليمينيوم، تزيد عن المتر ، لا زلت أتذكّر هذا جيدا ، كنت تضعها تارة على طاولة الرّسم و تارة أخرى على طاولة أخرى صغيرة بجانبك ، جلست أمامك و نظرت في وجهك ، تعمّدت هذا مرارا و تكرار ، تجاهلتني، أحسست أنّك رجل لا يفهم لغة النّساء، لو كان الأمر بيدي لضربتك بالمسطرة المعدنيّة ـ أحسست أنّها تصلح للّضرب فقط  كنت أودّ لو أضربك على رأسك فأشجّه و أرى دمك يسيل على جبينك ، نعم أضربك على هذا الرّأس العنيد ... لكنّني فضلت مواصلة مشواري فأنا في نهاية الأمر ضيفتك و يمكنك أن تكون وقحا و تطردني من مكتبك ، هل كنت ستطردني لو فعلتها ؟ لا أظنّ ، أردت أن أجرحك كما جرحتني ، هل امرأة يتجاهلها رجل  يمكن أن تكون ودودة و طيّبة ؟ لا أعتقد هذا إطلاقا. 
يومها كان الطّقس حارّا و الشّمس ساطعة، أكلت أشعّتها جسدي ، و مال لوني الى سمرة قمحيّة ،، انتبهت الى هذا عندما وقفت أمام المرآة في أقصى الرّواق الذي يقع فيه مكتبك . شككت في قدرتي على لفت نظرك و دفعك الى أن تحسّ أن هناك امرأة تحوم حولك لم يخنها جمالها رغم أن القدر و الزّمن خاناها، لذلك، لمّا جلست قبالتك تعمّدت تعرية كتفي لأحكّه، كتفي لم تلسعه أشعّة الشّمس ، أردت أن أقتحمك و أفتح أسوارك ببياض جسدي و صفاء بشرتي ، آآآآه .. أيّها النّاكر لن يفيدك النّدم هذه الليلة ، سأعتقلك للّيلة الثالثة و سأتركك يتيما في الفراش، لا تقل أن برد الثلج و سكرك دفعاك للقدوم اليّ رغم أنفك ، أنت جئت تطلبني خليلة ، لن يحدث هذا أبدا. سأشفي غليلي أوّلا ، غليل امرأة عاقر ، أنت لا تعرف غليل امرأة عاقر... نسيت؟ لم تنظر في وجهب إطلاقا و تحاشيتني، كنت جبانا و خفْتَ ، أنا أعرف هذا ، نظرة واحدة من عينيّ كانت ستكفي لانهاء عنادك لذلك جبنتَ، هههه .. عجبي من رجل لا يجد شجاعته و لسانه إلاّ عندما يكون مخمورا، هذا الرجل ذاته يقول أنه يعارض نظام الدّولة أو بورقيبة أو لا أدري ماذا؟ الذين يخافون عيون النّساء و جمالهنّ لا يقدرون على اسقاط ذبابة فما بالك بنظام كامل ؟ أقسم أنهم غير قادرين على شيئ ممّا تعتزمون عليه. لا تسخر منّي ، صحيح أنا لست متعلمة و لا بنت مدارس و لم أتعلّم في الدنيا إلاّ شؤون المنزل و كيفية ارضاء رجل مغرور مثلك ، هذا ما علمتني أمّي ، و تعلّمت أيضا أشياء لا تجيدها أنت و أمثالك و حتى صديقاتك و رفيقاتك في هذا الحزب الملعون، لقد تعلّمت كيف أربّي طفلا ، للأسف لم يصلح هذا التعليم لأنّني عاقر ، 
ماذا يفيد النّدم ؟ ...
أنا امرأة عاقر تجيد تربية الأطفال و شبيهة بياض الثّلج الكافي بل أنا أحسن منه ، أنا بي بياض دافئ و هو به بياض بارد ، نعم وددت لو ضربتك بالمسطرة المعدنية بعد أن عريّت كتفي الأبيض الناصع و تعمّدت أيضا نزع حذائي الصيفي لأتحسّس خدشا أحدثه بكعبي ، رفعت قدمي كي أتفقدها و أرى عمق الخدش، بانت قدمي كقطعة جبن و ظهرت أصابع رجلي و لون أظافري الملمّعة بملوّن أسود كغلال البحر أو كبرغوث البحر ، قلت لك : الحذاء خدش كعبي و أحدث ألما لا يحتمل فتجاهلتني انشغلت بمكالمة هاتفيّة و حديث تافه لا يستحقّ هذا الاهتمام ، لملمت بقيّة كبريائي و لعنت اليوم الذي رأبتك فيه و لعنت حتى نفسي ، لماذا أتيت إليك و كيف ساقتني قدماي و رضيت لنفسي هذا ؟ أخذت حقيبتي اليدويّة لأرى الوقت بحثت عن ساعتي التي وضعتها قبل خروجي في الحقيقبة قصد حملها للسّاعاتي ليصلح حزامها الجلدي كي أعيدها لمعصمي ، أكره أن لا يحمل معصمي ساعة يدوية و أخيّر في عادتي السّاعة على السّوار .. يهمّني أن أتحسّس الوقت الذي الذي يفرّ منّي و يسيل بين أصابعي ليضيف عمرا على عمري. كنت لجوجة و لم أرتدع من يوم أن رأيتك في حفل ختان الطّفل هيثم بن عليّ زميلك في الشغل ، لعنت تلك اللّيلة التي رأيتك فيها، كنتَ ثملا و في حالة سكرا مطبق، أخذك صديقك و نديمك من يدك و دعاك للرّقص على أنغام أغنية كافيّة " دَلْوِحْ يا الغرام " رأيت ؟ لم انس أيّ شئ ، كنت أظنّ أنك سترقص و ستستجيب للدّعوة فرفضت رغم أنّك على تلك الحالة من السّكر.  لماذا رفضت أن ترقص ليلتها ، أكنت حقّا لا تجيد الرّقص؟ توسّل اليك صديقك كي تشاركه رقصته و زغردت "أم الزّين" لتحرجك و تدفعك للرقص فرفضت ، قلت أنّ لا تجيد الرقص و لا يحسن برجل لا يجيد الرّقص أن يرقص في حفل جلّ حضوره نساء. ظللت أراقبك لعلّك تلين و تفعلها حتّى مجاملة لأهل المختون لكنّك رفضت ، كان عليّ أن أفهم منذ تلك اللّيلة أنّك عنيد حتّى و أنت سكران. كنت أطلّ من النافذة ، هل نسيت ؟ كنت أطل خفية حتى لا يلاحذ الحضور اهتمامي بك رغم أنّك لم تكن أنيقا ليلتها . كنت جريئة و مددت يدي، يدي هذه اليمنى و همزتك برفق على جانبك الأيسر الأقرب منّي، التفتّ اليّ ، كانت عيناك محمرّة من وقع السّكْر، حملقت طويلا فيك ، أول مرّة اراك فيها على هذا القرب و هذه المسافة ، فرحت كثيرا و نسيت عيون النساء التي تتعقبني ، أوّل مرة أحسّ أنّني امرأة جريئة حدّ الوقاحة ، ابتسمتَ في وجهي و غمزتني بعين متعبة حمراء ، فهمت أنك انتبهت اليّ و قبلت اشارتي اليك ...



الحلاّج ...
فقرة من سلسلة " ثلج الكاف الدّافئ "

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق