السبت، 17 مايو 2014

ثـلج الكـاف الـدّافئ


يا " أمّ الزّبن" لم يكذب حدسي إلاّ قليلا، لست نبيّا أو أحد أولياء الله الصالحين و لا أومن بالكرامات و المعجزات و لم أتقرّب في حياتي الى شيح دين أو صاحب كرامة او كنت من هواة التمائم لكن حدسي كلما احتجته كان صادقا و في عادتي لا احتاجه إلاّ قليلا لأن كل الاشياء واضحة أمامي و لا تتطلّب تخمينا و لا زاد عرّاف و لا شعوذة " الوقّاعة" ، الأمر جليّ و واضح كشيبة ناطري هذه التي نبتت دون اذن متّي و التي رسمت خيبتي الاولى ، يا " أمّ الزين" إن حدسي لم يكن مبنيّ على رؤية رأيتها في المتام أو على هاتف مجهول أتاني في ظلام الليل بل على خيوط و دلائل و آثار لا ريب لي فيها ...يا " أمّ الزين " انّ ابنتك غرقت في بحر حزنها و ان عقمها أفقدها حبّها للحياة فلا تزعجيها بتعاويذك و لا تقلقي راحتها بكل هذا الكمّ الهائل من خليط الأعشاب .. يا " أمّ الزّين" احضني ابنتك فهي تحتاجك لأمثر ممّا تحتاجني و تراك مستودع همّها و عمقها الدفين لأنّا فتراني رجل عابر يميل الى السّكْر تلرة و يعاكس النساء منى عنّ له الخمر و دعاه الى ذلك ، أو رجل لا ينتبه اليها الاّ آخر الليل أو كلّما شعر بالغربة . كم من مرّة حاولت أن أضيء ركنا من أركان صدرها الدّاكن و أن اشعل شمعة تضيء ظلام عينيها و لم انجح . يا "أمّ الزين" انّني رجل من عادته أن لا يصمد أمام جبل كامل من البياض و الجمال و الحضور المبهر و الانوثة الصاعقة ، لكنّني كل ليلة أجد نفسي أمام هوّة عميقة تفصلني عنها و تجعلني كصنم فرعوني لا حياة فيه رغم ضخامته، يا " أمّ الزين" ليلة و ضعت يدي على صدرها شهقت شهقة واحدة و احسست أنذ يركانا في صدرها على باب الانفجار الكبير.. فكفّي بربّك عن التعاويذ و الشعوذة الفارغة و انتصتي الى ابنتك مثلما أفعل أنا كل ليلة فأنّني أحسّ أنها في حاجة لمن يسمعها فقط .. فقد كانت تبحث عنّي ليس لنزوة أو غواية انّما ليسمعها رجل تثق فيه ...



الحلاّج...
فقرة من سلسلة " ثــلــج الـكاف الـدّافـئ "




الحلاّج...
فقرة من سلسلة " ثــلــج الـكاف الـدّافـئ "

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق