الأحد، 24 أكتوبر 2021

الرحيل ..

 

الرّحيل ليس خسارة... الرّحيل يعني أن أترك الأشياء الجميلة على حالها و بي أمل أن أعود يوما فأجدها كما تركتها، مرْوَد عينك في مكانه هناك على طاولة التجميل، مْشْبك شعرك تحت الوسادة، قنينة العطر التي تكسّرت يوما على حين قبلة لازالت شظاياها تحت السّرير، الاجّاصة و كأس الحليب وعنقود العنب على طاولة النّوم بالجانب الأيسر، قصائدي التي كتبتها مبعثرة وغير مقروءة، نعليّ مقلوبان على وجهيهما ويؤشران لرحيلي... ( قد قلت يوما أن النّعال اذا انقلبت على وجهها تصبح مكتب سفارات الرحيل.) فستان نومك الورديّ على شماعته وراء الباب (لماذا اشتريت فسان نوم لا تلبسينه ليلا ؟) كأس الكونياك نصف مملوءة يضيئها فانوس ليل بلمعان كالذّهب ( لماذا فقدت ثقتك في و انا أشرب مساء كأسي السّادسة، هل لما قبّلتك ظننت أنّي سكرت؟ النّساء يسأن الظنّ بي عند سكري و في صحوتي، ويح رجل عاشق من أنثاه !!!) ، أمّك تصرخ : "إنّ طنجرة القهوة فاضت على نارها و عوّمت كانون الجمر، و أنتم نيــــــام؟" ( هي لا تعرف أن نارا بداخلنا تطبخ قهوتنا و النبيذ ...مسكينة ساءها ما ضاع ركوة و سكّر وتعب تنظيف موقد النار.)، حاملة الصّدر تشوبها آثار أحمر الشّفاه و على عنقك ماذاب من قطعة الشّكلاطة السّويسرية، يكون حريّا بي أن أقضمها دفعة واحدة.. (نصحتك أن لا تأكلي الشكلاطة ليلا و كنت كعادتك عنيدة ، تذرّعت بأن القضم ليلا أحلى و أجمل..)، النّافذة مفتوحة نكاية في جارة حاسدة تبحث عن طاقيتها قرب شبّاكنا ليلا (من يلبس طاقية ليلا ؟ ستهرب لما ترانا جسدا واحدا، دعيها تعيش كمدا... قلبها من حجر.) . نامي ساعة ، يوما ، شهرا او سنة و كفكفي دمعك سوف أعود ... أقسم بحتجبيك و وقع رموشك على أوتار قلبي ومرود عينك سأعود.
الرّحيل ليس خسارة ... أو نهاية عالم .
لعلمك هذا الرّحيل هدنة و كلفة ألم سبّبتها لحظة طيش عابرة و كلام وخْز أساء لطائر ليل في عشّه .... ( مالي لا أطيق البقاء كأن الجمر يعوّّمني ؟ )
الحلاّج ....
( من رسائل الحلاّج الاخيرة ...)
أكتوبر/ تشرين 2013...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق