لا تبكِ ووسّـعي باب الصّبـر يا "أمّ الزّين" هي لم تطلب الغربة بل الغربة طلبتها .. ابنتك طلبت ملجئا لتوقّي عيون النّاس ..أرى انّ القدر استجاب لها هذه المرّة. أنت تعلمين أنّ من عادة القدر أن يستجيب مرّة واحدة ، لقد نفّـذ طلبها بكل وفاء و أرسلها لأرض غير أرضها .. سترى أناسا لا يعرفون عنها أيّ شيء ..كأيّ امرأة بأرض الغربة .. لن يذكروا أنّها امرأة عاقر ..لن يذكروا أن اليـتم هـدّ طفولتها بلا رحمة، هناك في أرض الغربة، لن يذكرالنّاس أن زواجها الأوّل فاشل رغم انّها أرادت اسعاد زوجها بما استطاعت من جهد، لقد خانها كلّ شيء وكلّ من كان حولها و لم يسعفها الحظّ القاسي، عندما أحسّت بالظلمة تغشو عينيها فلم تجد أحدا بجانبها إلّا دموعها و يدك المرتعشة خوفا عليها و حضنك الدافيء الذي حاول أن يهبها دفءً في صقيع و ثلج الكاف ..
مولاي،.أيّ ذنب ارتكبته لتولد هذه المرأة برحم لا يرحم العاقرات ؟ ..
لا تبكي يا "أمّ الزّين" كفاها ما هي فيه .. ستفارق "الكاف" و ستشتاق لنسيمه و برده و ثلجه وعبّـاد شمسه وحبّات الذّرة المشوية على رؤوسها على الجمر في مساءات الصّيف الكافي..ستفقد خرير الماء في "رأس العين" وستتحسّس التراب لتبحث عن رائحة جبل "الدّير" .. وسيذكر النّاس انها غادرت لبلد قريب ولاهل لا يعرفون عنها أيّا من أخبار حـزنها..
لا تبكِ حتّى لاتفقد شجاعتها وتتراجع عن زواج ثانٍ يدخلها في بحر النّسيان الرّحيم ..لقد كانت غريبة بيننا وستكون غريبة بينهم ..لا تبكي واتركيها تتجمّل و تضع كحلها لتقول للنّاس إنّني الأجمل وإنّني امراة كاملة لولا هذا العقم الكلب ..
………………………………
من سلسلة "ثلج الكاف الدّافىء"
المهدي /الحلّاج الكافي ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق