الأحد، 19 سبتمبر 2021

رسائل الحلّاج الأخيرة ..

 

حدس كاذب .
--------------
هذا اليوم لم يكن سعيدا كما توقعت فقد خاب رجائي و أنا الذي كنت صادق الحدس منذ سنين، بالضّبط كنت صادقا منذ أن تنبّأت بالحريق الكبير في وادي الزّيتون و هطول المطر في حقول المرجى و ولادة مهر ابجر في اسطبلنا الصغير كما رأيت في منامي و فيضان نهر" تاسة" في أيلول ، أخطأت هذا الصباح على غير عادتي و أشعرتني خيبتي بأنّني فقدت ميزاتي و فراستي ، اللّعنة ، قد يكون مردّ هذا أنّك أنت ، نعم أنت من قالت أنّ المحطّات لا تقفر صباحا و أن التذاكر الصغراء صالحة لركوب كلّ القطارات و أن وجود امرأة واحدة تشبهك سيغيّر مسار طريقي و يجعل سحنة الحزن بسمة و أنّ أيّ عطر نسائي يشبه عطرك سيدغدغ أنفي و يدعوني للشّهوة ... أو على الأقلّ لقُبلة .
نعم لم يكن هذا الصباح سعيدا كما انتظرت رغم أنّني غمست بعض احلامي في زكوة القهوة و سكبت ماء الزّهر قطرة قطرة في فنجاني و تذكرت شامة امرأة تشرب قهوتها صباحا مثلي على شاطيء البحر في بلد لا اطوله في زمن الحرب و تنتظر الدي قد يأتي ،
هذا اليوم كان حزينا فالمحطّة مقفرة و القطار لم يأتِ و الخواء عمّ أطراف الشوارع المحاذية و شممتُ غازا كريها انبعث من مجاري المدينة النتنة و قرأت يافطة سوداء بخطّ رديء و بنّي اللّون يقول " أُغْلِقَتِ المحطّة قصد الترميم و بناء مدرج جديد و استبدال القطار بقطار كهربائي حديث و كلفة المشروع ..." لم يعلموا أن كلفة المشروع هو أنّني فقدت حدسي و نكهة فنجان القهوة و امرأة كالمرمر....
هذا اليوم حزين جدّا ، فقدتك و فقدت امرأة تشبهك و أزيز محرك القطار و التذكرة الصفراء و ابتسامة مراقب التذاكر و بائع علك " الشويينقوم" و عطر امرأة تعلم أنّني لا أعاكسها لكنّني استرق تلذّذ عطرها الذي في النهاية يشبه عطرك ...
سأبتسم .. صدّقيني سأبتسم لكي أكون وفيّا لحدسي و فراستي ... لهذا فقط سأبتسم .
--------------------------------
الحلاّج .....
من " رسائل الحلاّج الأخيرة "
ايلول / سبتمبر 2014 .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق